بقلم د/ هبه الببلاوي
مفهوم السعادة يختلف من شخص لآخر بل ويتسع ليشمل أنواع من السعادة تتماشى مع إحتباج كلاً منا في الحياة بأكملها فمنا يجد السعادة في المال ومنا يجدها في السفر ونساء يسعدون بالشوبينج وشباب يعشقون العزوبية ويروا السعادة فيها بعيداً عن تحمل المسؤلية ولكن هل الزواج فى حد ذاته يجلب السعادة أو يحققها للإنسان وهل كون الإنسان متزوجاً فهذا عامل يضيف إلى سعادته لكن لا يوجدها.
الحقيقة أن الزواج ليس المصدر الأول لسعادة الشخص, والعلاقة الزوجية هي كيان وإرتباط قائم بين الطرفين, ونجاحها وإستمرارها متوقف على استجابة الزوجين والعمل معاً لإنجاحها مهما كان هناك عناصر أخرى تتدخل فيها. وإذا كنت تبحث عن شريك يجعلك تشعر باحترامك تجاه نفسك، ويجعلك تشعر بالسعادة، وينقذك من الحياة الرتيبة وغير السعيدة, شخص يشعرك بأن شيء لا ينقصك, فأنت ما زلت بحاجة لأن تبذل مجهود من جانبك، لأنه لا يوجد شخص يقوم بتلبية الاحتياجات مثل الذات التي تسعى بكل ما فى وسعها للوفاء بها. وأن يتحمل شخص مسئولية الوفاء بهذه الاحتياجات معناه التخطيط لفشل النفس وفشل أى علاقة.
ونحن نعرف جيداً أن كل طرف من أطراف العلاقة الزوجية هو في الأصل كان طرفاً مستقلاً قبل الإرتباط, له أفكاره ومعتقداته الخاصة عن الأشياء التي يتعامل معها وتحيط به، لذا لا تتوقع من الطرف الآخر أن يفكر بنفس طريقتك، لكن في نفس الوقت لابد وأن يكون هناك اتفاق في الاستنتاجات إذا أردت تجنب الجدل المتكرر.
في فترة الخطوبة يعتقد أنها فترة جيدة, إذ يحكم بعض الأشخاص علي نجاح العلاقة من خلال عدد مرات المقابلة, فيكون المعيار لدى البعض من خلال الرؤية اليومية والبعض الآخر هو وجود فترات من الابتعاد, وهذا هو أحد العوامل التي قد يغفل عنها الكثير أو يتجاهلها لكنه مهم للغاية وينبغي مراعاته حيث أن فترة الخطوبة ليست فترة جيدة كي تحكم على حياتك الزوجية بالسعادة.
ولكن كي نعيش حياة سعيدة يجب إقتسام كل شيء, والصبر يفتح جميع الأبواب المغلقة للعلاقة، ففي بعض الأحيان قد لا يستجيب الطرف الآخر بطريقة مرضية لك, لكن هذا لا يعني أيضاً أن تأخذ الأمر بجدية أو بشكل شخصي, عليك بالتمهل وعدم التسرع، خذ نفس عميق ثم فكر في الأسباب؛ لماذا يتصرف الطرف الآخر بهذا الشكل؟ لا تصدر الحكم أو رد الفعل في وقته لأنه سيكون بمثابة الهجوم, لكن أعطه الفرصة للتراجع عن تصرفه مع إشعاره بأنك تلتمس العذر له وأنك مستعد لسماعه في أي وقت يلجأ إليك, لا يهم نوع الموقف الذي تعرضت له.. أما إذا كنت غير مستعداً لسماعه فمن الأفضل إنهاء العلاقة علي الفور.
ومن مقومات السعادة أيضاً الصراحة؛ وهي على قائمة نجاح أي علاقة, فالصراحة تجعل كل طرف في حالة الشعور بالأمان والراحة تجاه الطرف الآخر, وهي أبسط مقومات الإنسانية التي يمكن أن يتحلي بها الشخص وأعمقها في نفس الوقت.. وأن تكون إنساناً ليس معناه أن تكون كاملاً, أي أن هناك مساحة للأخطاء في حياتك, لكن المهم أن تكون هذه الأخطاء ليست عن عمد أو بشكل متكرر لنفس الخطأ, لأن العلاقة ستتحول لخط آخر من عدم الاحترام وعدم الاهتمام للطرف الآخر. لكن إذا أدركت أنت والطرف الآخر الأخطاء والشعور بالتأنيب والندم، فأنت تعمل علي إسعاد شريكك أو شريكتك.
أما القبول الذي هو أول مقومات النجاح وإن كنا نذكرها مؤخراً، فلا يوجد شخص يرغب أن يرتبط بآخر إذا شعر بأنه مرفوض من الطرف الآخر لوجود صفات فيه قد لا تتفق مع شخصيته لإحساسه بذلك، وهذه نقطة قوية توضح جمال الفردية بأن لكل واحد منا قراراته، هواياته، وأهدافه. وعندما يحبك شخص بصدق سيتقبل كل شيء فيك محاسنك ومساوئك ليس جانباً واحداً فقط, سيتقبلك بشكلك، بعواطفك، بأحلامك، بهواياتك.. بكل شيء فيك.
More Stories
حين يحن القلب إلى الله
بروتوكول تعاون بين الاتحاد الأفروآسيوي وموقعي أخبار مصر العروبة وموقع الحياة نيوز
منجز للاستشارات القانونية والمالية ..تاريخ من الثقة والانجازات