أكتوبر 13, 2025

جريدة الحياة نيوز

رئيس مجلس الادارة : نسرين رمزي

عصر كثرت فيه ظاهرة الطغيان .. بقلم الكاتبة أميمة العشماوي

 

الطغيان من أخطر الظواهر التى عرفتها المجتمعات الإنسانية قديما وحديثا والتى أدت إلى نتائج كارثية تتعلق بمصير الدول والأفراد معا ومن ثم كان من الضرورى معرفة القانون الذى يحكم هذه الظاهرة لاسيما فى عصر تنامى فيه دور الدولة وتدعمت فيه ظاهرة السلطة التى تعد من أعظم أسباب صناعة هذه الظاهرة فالإنسان بطبيعته لايولد طاغية أو جبارا ولكنه يحمل بذور الطغيان الذى عبر عنه القرآن الكريم ( بالفجور ) كما يحمل بذور الهداية والطاعة التى عبر عنها القرآن أيضا ( بالتقوى ) وذلك فى قوله تعالى : ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ) .

ومن هنا نجد النفس البشرية زودت بقرتين متعارضتين بحيث يكون إختيار إحدى القدرتين مسئولية الإنسان نفسه وعلى هذا فإن الطغيان أمر طارىء على النفس وليس متأصلا فيها وهذا مرهون بالظروف التى يعيش فيها الإنسان والإستعداد النفسى عنده ومن هنا يأتى السؤال مالأسباب التى تجعل الإنسان ذات نفس طاغية ؟ أقول هنا أولا المال ثم السلطة أو كلاهما أولا فالمال والسلطة هما أهم أسباب الطغيان فلا شك أن من مظاهر طغيان المال أو من ثمراته أنه يجعل الإنسان من المترفين وأنه يغير من قناعات الإنسان وسلوكه فى الحياة ومن هنا نجد أن القرآن الكريم أوضح نموذجين لطغيان المال وطغيان السلطة فنموذج طغيان المال كان فى ( قارون ) إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة إذ قال له قومه لاتفرح إن الله لايحب الفرحين ) .

فقارون كان من أتباع موسى عليه السلام ولكنه طغى عليهم عندما كثر المال لديه وإذا كانت مفاتيح الخزائن التى حوت المال تعجز العصبة ذات القوة عن حملها فكيف بالخزائن التى تحوى المال ؟ ومن ثم كانت كثرة المال سببا فى إنقسام الناس حوله .

أما نموذج طغيان السلطة فهو طغيان فرعون الذى صرح به القرآن الكريم فى عدد من آياته منها قوله تعالى لموسى عليه السلام :

إذهبا إلى فرعون إنه طغى ) . وقد يصل طغيان السلطة إلى حد إدعاء الربوبية إما بلسان الحال أوبلسان المقال مثلما فعل فرعون كما فى قوله تعالى : ( فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ) ومن هنا نرى أن الله تعالى له قوانين لم تتغير إلى أن تقوم الساعة منها الجزاء والعقاب على الطغاة فى الحياة الدنيا فهى قوانين قرآنية ثابتة فقد جرت على الطغاة السابقين وستجرى على الحاضرين والقادمين إذا لن يفلت أحد من الطغاة من عقاب الله تعالى فى الدنيا ولآخرة .

ومن هنا يأتى سؤال كيف نواجه ظاهرة الطغيان ؟

هناك النموذج الإسلامى فقد كان الإسلام دائما يسعى إلى الحكم العادل وإقامة العدل فى الأرض لذا بعث الله تعالى الأنبياء جميعا لإقامة العدل كما فى قوله تعالى ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط كما تخلص الإسلام من الظاهرة نفسها بالشورى فهما وأسلوبا فى كافة جوانب الحياة كما فى قوله تعالى : ( وأمرهم شورى بينهم ) ومن هنا تكون الشورى هى أساس الحكم العادل ولذلك كان النبى أكثر الناس إستشارة للصحابة نأتى للنموذج الثانى وهو النموذج الأوربى الذى تخلص من ظاهرة الطغيان بتبنى ( الديمقراطية ) فهما وأسلوبا فى الحياة ليس على المستوى السياسي فقط وإنما على كل الأصعدة الإجتماعية ومن هنا إذا كان لنا أن نختار فإننا سنختار النموذج الإسلامى فى مواجهة الطغيان لأنه النموذج الأعم والأشمل فى مواجهة هذه الظاهرة المريرة .