بقلم: مريم سيد محسوب
حين يُولد الكاتب من رحم الصمت، لا يكتب إلا ما يعجز الناس عن قوله
وحين يُولد من الحزن، لا يكتب إلا ما تهرب منه الضمائر
يوسف وليد يوسف ليس شابًا يبحث عن لقب “كاتب”
بل هو صاحب مشروع إنساني بدأ على الورق
وبقي صامدًا رغم كل صمتٍ مرّ به
بدايات لا تشبه أحد
بدايته لم تكن مع النشر، ولا مع منصات التواصل
بل مع نفسه
في لحظة تأمل واحتياج
شعر أن الكلمات يمكن أن تنقذه
أن الورقة يمكن أن تتحول إلى صديق
أن القلم هو الشيء الوحيد الذي لا يخونه
في المرحلة الإعدادية، كتب أول سطر
ليس حبًا في الأدب، بل هروبًا من الوحدة
ومنذ ذلك الوقت، لم يترك القلم
كتب للحزن، كتب للفرح، كتب للحب
كتب وهو لا ينتظر التصفيق
كاتبٌ يعيش بين الشعر والفكرة
يوسف ليس كاتب شعرٍ فقط
ولا روائيًا فقط
هو مشروع متكامل
في الشعر ينسج سطورًا تحمل من العمق أكثر مما يقال
وفي الرواية، يمنح الخيال جناحين، ويخلق واقعًا موازيًا
يعرف أن الشعر هو قمة اللغة
وأن الرواية هي ساحة الفكر
لهذا يعشق الاثنين
يعيش بين بحور الشعر الحر والموزون
ويتنقل بين أسئلة الرواية الكبرى، والتفاصيل الصغيرة
لا يكتب من أجل التسلية
بل يكتب لأنه يؤمن أن كل سطر له رسالة
وأن كل قارئ يستحق أن يجد نفسه في نصٍّ صادق
تأثره لا يأتي من فراغ
هو ابن المدرسة الواقعية
ابن الجيل الذي تربى على أعمال
الدكتور أحمد خالد توفيق، الذي علمه أن الأدب الحقيقي لا يحتاج إلى زخرفة
نجيب محفوظ، الذي جعله يؤمن بأن الحارة المصرية عالم كامل
مصطفى محمود، الذي زرع فيه بذور الفلسفة في الكتابة
وفي الشعر
حفظ نزار قباني دون أن يشعر
ردّد درويش كأنه يقرأ نشيدًا وطنيًا
واقتبس من أحمد شوقي لغة الملوك
ومن الأبنودي لهجة الشارع
لكن رغم كل ذلك، لم يتحول إلى نسخة مكررة
بل صنع صوته الخاص
بعيدًا عن التقليد
قريبًا من الصدق
يكتب من الخيال… ولكن لا يهرب من الواقع
يوسف لا يعيش في الأحلام
بل يرى الواقع بكل ما فيه
لكنه يرفض أن يكتبه كما هو
بل يعيد تشكيله
بخياله، بعينه الخاصة، بأسلوبه الذي لا يشبه أحد
يعرف أن الأدب ليس نشر الغبار
بل كشف الرؤية
أن الكاتب لا يكرر الواقع
بل يُعيد تركيبه ليسأل: لماذا؟ وإلى أين؟
التحدي الأكبر: أن تتوقف عن الكتابة
في لحظة من اللحظات
شعر يوسف أن الكلمات خانته
أن قلمه لم يعد قادرًا على الكتابة
وهذا هو التحدي الأخطر
ليس أن يرفضك الناشر
بل أن ترفضك نفسك
لكنه عاد
أقوى، أصدق، أهدأ
لأن الإبداع لا يموت
وأن من تذوق لذة التعبير، لا يعود إلى الصمت
لا جوائز… ولكن مشروعٌ مستمر
حتى اللحظة
لم يكرّم يوسف في صالات الأدب
لم يتصدر العناوين
لكن هذا لا يعني شيئًا
الكتابة ليست منافسة
هي تراكم يومي، وتجربة طويلة
وهو يعرف جيدًا أن من يزرع الفكر
لن ينتظر التصفيق
أعمال قيد التشكل
يعمل يوسف الآن على مشروعين روائيين
لا يتحدث عنهما كثيرًا
لأنه من نوع الكتّاب الذين يكتبون أولًا، ثم يتحدثون
يعرف أن العمل الجيد لا يحتاج إلى دعاية، بل إلى صدق
وصيته لجيلٍ جديد
“ليس كل قارئ كاتبًا
لكن كل كاتبٍ يجب أن يكون قارئًا”
هكذا يختصر يوسف كل ما تعلمه
ينصح بالقراءة لأنها المصدر
يحذر من الكتابة السطحية
يدعو إلى العمق، إلى التأمل، إلى الصدق
—
يوسف وليد يوسف ليس مجرد شاب يكتب
هو مشروع أدبي حقيقي
يتكوّن في صمت
ويصنع لنفسه مكانًا دون ضجيج
ولعله اليوم لا يملك الجوائز
لكن ما يملكه أهم: هوية، صدق، ووعي
فهل ستقرأ له حين يصدر روايته القادمة؟
وهل ستمنح صوت الشباب الحقيقي فرصة أن يُسمَع؟
More Stories
فاطمة أبوجلاب.. الحرف الذي لا ينكسر
نادر عصام مدبولي(Nader Kids)مكتشف النجوم الصغار وصانع البدايات
اعتماد أحمد عوض الله.. سيدة من مصر تجمع بين دفء العائلة ووهج الخير.